الأربعاء، 12 مايو 2010

للشهيد القائد جمال منصور

ي رثاء الجمالين من خلف القضبان في ذكراهم الثانية



بقلم / الأسير القساميّ : عمار حماد الزبن - سجن بئر السبع :

لست أدري عن بكاء الأقلام شيئاً ، فلم تعهد سطوري حدثاً يستوجب ذلك ، لكنني الآن و اللحظة أسطّر أشجاني المتفجرة بماء عيني و ما تبقى من ذاكرة و أترك الطريق ليراعي ليخطّ معاني الألم و الحزن ممزوجاً بالفخر و الرضا و الذاكرة ، على من ترجّلوا هناك في نابلس النار حيث عناق السماء للجمالين في عرس شهادة رائع "جمالنا المنصور و سليمنا الجمال" .

أي الحكايا هما ، ليت شعري كيف أبدو و أنا عاجز عن التعبير ، تقف الكلمات تائهة متحشرجة تأبى الخروج ، لكنها الذكريات توقِظ حنيناً تدفق تلاطفه ابتسامة شيْخينْا الشهيدين ، و أقصى العواطف عنفواناً تلك التي تغزوك في السجن فتحيل الواقع إلى الغائب و تمحو لوحة التواصل المعاش إلى تاريخٍ كان بالأمس فكم هو فظيع أن تفجع بمن أحببت منذ الصغر ، و كم هو رهيب أن يقتلك القيد فتجلس عاجزاً بين أسوار سجنك تأكل القهر و تلوك الصمت بين فكّيك ، و تعود إلى الوراء مع الذكريات تفتّش في عمق صدرك و الذاكرة عن أجزائك التي جمعها شكلك الحاضر ، أذكر و ما نسيت أنني مفردة صغيرة في معجمهم و هم الشهيدان البحران و أنا الجزء من واحتهم الخضراء أنبتت زهراً و إقحواناً لا ينضبُ عطره و عطاؤه ولا يبلى ورقه ، أذكر جيشاً من الكلمات العاصفة صنعت جيلاً من التجديد يحمل خارطة العلم في صدره من سلمة إلى الدامون ، و يرسم صورة الإسلام العظيم و يخط على وجه التاريخ ما عجزت عنه الأجيال . كلمات نشأت و ترعرعت في جامعتهم تحمل فكراً و تربية و جهاداً ، أذكر كلما صحوت من صمتي صرخة أبا بكر المنصور : "إنّ منطقنا في منطق القوة و ليس في قوة المنطق وحده" .

أذكر كلما قَلبت العزة في موطنها فأراه يخطب الآلاف عن شهيد المارينز في لبنان فتلا عليهم آيات النسف ، فترتج الأرض من وقع كلماته ، أذكره يرثي العياش في ثمانين ألفاً من أحبائه فتقع الكلمات زلزالاً في أفئدة أحبّتهم فتحيي في النفوس ألف عياش و عياش ، و هل يغيب الفكر لحظة عن الذي أحيى جيلاً من المجاهدين يملأون ما بين النهر و البحر ، أذكره و أبا مجاهد السليم في عرس شقيق الشهيد يعلن مباراة العرب في عهد الإسلام بأنها السباق للشهادة "منا شهيد و منكم شهيد" .

أذكره كالصقر في معمعان المعركة يتوسّطنا في صحراء النقب يشعِل نور الدعوة في النفوس و يحنو علينا حنوّ الخطاب في حنينه . و يحي كيف تبدو قسوة الغدر عندما تقترب من العظماء و كيف تغدو أشباه الرجال معربدة .. آه من الأيام التي صنعت حدث اليوم و ويل شُذّاذ الآفاق من التاريخ و ويح قيدنا الجالس على أعتاب أحزاننا أيكون الرحيل .. و هكذا ؟؟ ، أم أن الكبار تأبى السماء إلاّ أن تستقبلهم هكذا عظماء في حياتهم و رحيلهم .

ما مات و حق ربي ، من ظن العظماء تموت ؟ ، و جهل بحمقه أن الأفكار تحيى برحيل صنّاعها فما عساه فاعلاً في أطنان من عزم تلألأت في النفوس ، تغذّيها قطرات الدم التي سالت هناك حيث الجمالين الجملين .

أيا صمتي تفجّر في زنزانتك اللئيمة أهان عليك الوداع ؟ .. أم طاب صمتك على وقع الصواريخ ؟ تحرّكي يا روحي حيث تسجّى الجثامين المسجاة هناك و مثواها علّيين ، و اتلُ "يحيا المريدين و التلامذة و عاش الشيوخ فلا نامت أعين الجبناء" .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق